هل الستير والستار من أسماء الله؟
سؤال : ما الفرق بين الستير
والستار ، وأيهما اسم من أسماء الله عز وجل ؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
أسماء الله تعالى
توقيفية ، كما هو مذهب أهل السنة والجماعة ، فلا يسمى سبحانه إلا بما سمى به نفسه ،
أو سماه به رسوله صلى الله عليه وسلم .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"أسماء الله تعالى توقيفية ، لا مجال للعقل فيها : وعلى هذا فيجب الوقوف فيها على
ما جاء به الكتاب والسنة ، فلا يُزاد فيها ولا ينقص ؛ لأن العقل لا يمكنه إدراك ما
يستحقه تعالى من الأسماء ، فوجب الوقوف في ذلك على النص ؛ لقوله تعالى : (وَلَا
تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ
كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) الإسراء/36 ، وقوله : (قُلْ إِنَّمَا
حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ
وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ
بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) الأعراف/33 ،
ولأن تسميته تعالى بما لم يسم به نفسه ، أو إنكار ما سمى به نفسه ، جناية في حقه
تعالى ، فوجب سلوك الأدب في ذلك والاقتصار على ما جاء به النص" انتهى .
"مجموع
فتاوى ابن عثيمين" (3/275) .
ثانياً :
لفظ "الستار" لم يثبت - فيما نعلم - في
نصوص الكتاب والسنة أنه اسم من أسماء الله تعالى .
وقد سُئل الشيخ عبد العزيز
الراجحي حفظه الله : هل السَّتَّار من أسماء الله الحسنى ؟
فأجاب : " الستار لا
أعلم أنه من أسماء الله ، ولكن من أسماء الله : "الستير" ، كما جاء في الحديث : (
إن الله حيي ستير ) ، أما الستار فلا أعلم أنه من أسماء الله ، وإنما هو من باب
الخبر ، أُخْبِرَ عن الله أنه ستار ، وباب الخبر أوسع من باب الأسماء " انتهى
.
"نقلاً : عن شريط شرح الإبانة الصغرى لابن بطة" .
أما لفظ الستير ، فقد روى
أبو داود (4012) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
(إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَلِيمٌ حَيِيٌّ سِتِّيرٌ يُحِبُّ الْحَيَاءَ
وَالسَّتْرَ ، فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ) وصححه الألباني في
صحيح الجامع .
وقال ابن القيم رحمه الله في "نونيته" :
وهو الحيي فليس يفضح
عبده ***** عند التجاهر منه بالعصيان
لـكنه يـلـقي عليه ستره ***** فهو الستير
وصاحب الغفران
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "لقاء الباب المفتوح" :
هل المحيي والستير يعتبران من أسماء الله ؟
فأجاب : " المحيي ليس من أسماء الله
، بل هو صفة فعل من أفعال الله ، قال الله تعالى : (هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ
فَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) غافر/68 ، فالمحيي
اسم فاعل من أحيا ، فهو من صفات الأفعال وليس من الأسماء .
وأما الستير فقد ورد
فيه حديث ، ولكن يحتاج إلى نظر في صحته ، فإذا صح فهو من أسماء الله ؛ لأن مذهب أهل
السنة والجماعة أن كل ما صح في أسماء الله عن رسول الله فإنه يثبت ، أي : ثابت
التسمية به " انتهى .
وأما الفرق بين "الستير" و "الستار" فكلاهما يدل على
المبالغة في الستر ، فالله تعالى يستر على عباده كثيراً .
واسم الفاعل إذا أريد
المبالغة في الوصف به جاء على عدة أوزان منها : فَعَّال ، وهذا كثير مشهور ، ومنه :
"ستَّار" .
ومنها : فِعِّيل ، ومن هذه الصيغة : اسم " سِتِّير" ، وقد ورد
استعمال هذه الصيغة في القرآن الكريم ، قال الله تعالى : (يُوسُفُ أَيُّهَا
الصِّدِّيقُ) يوسف/46 ، وقال تعالى : (ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ)
المائدة/82 .
والله أعلم